الأحد، 12 أغسطس 2018

«جيسون ستاثام» يحاول ركل مؤخرة أضخم سمكة قرش في العالم ويفشل! - مراجعة فيلم The Meg 2018





The Meg 2018 - سمكة القرش الكبيرة

•  إخراج :  جون تورتيلتوب
•  التصنيف :  أكشن - مغامرة - إثارة
•  حالة المراجعة  :   بدون حرق
•  الكاتب  : ليث التميمي
•  التقييم الشخصي :  ★★ (ضعيف)



ضمن سلسلة إخفاقات طويلة شهِدت على فشل المخرج «جون تورتيلتوب» في أن يظفر بفيلمٍ أو اثنين، على الأقل، يُمكن اعتبارهما ينتميان إلى فئة الجودة، بالنسبة إلى كم الأفلام الرديئة التي أنتجها طوال مسيرته، يُصرّ الرجل على استكمال سلسلة العثرات والمتاعب تلك بإضافة حلقة أضخم هذه المرة، والتي لم تعد تقتصر على حجم الكارثة الفَنية التي يداوم على فِعلها باستمرار؛ بل بواقع أن فيلمه هنا، بالفعل، يحتوي على أضخم سمكة قِرش في العالم.

هناك متلازمة حميدة نعاني مِنها؛ نحن رواد السينما والأفلام، دون استثناء، تُدعى «التَجديد» والتي مِن خلالها نأمل في الخوض بتَجارب منعشة ذات إثارة وتشويق في كلّ مرةٍ نجلس فيها أمام الشاشة. إلا أن «هوليود»، على سبيل الحصر، يتكوّن لديها رأي مغاير تماماً لتِلك الأعراف السائدة؛ وهو الأمر الذي بات يقودها إلى استبدال نزعة التجديد عند الجمهور بنزعة « التضخيم» عند المنتجين؛ باعتبارها حلول سَريعة تَضمن رَفدها المستمر لسوق الترفيه. فهذا العام شهِد فيلمين أو ثلاثة من نَفس الطينة التي لا تضع اعتبارات «التجديد» في بال صنّاعها بل يبدو أن «التضخيم» أضحى حلّالاً لأكبر المَشاكل التي تواجه إفلاسهم نحو إثراء الجوانب الفنية لأعمالهم أو حتى اعتبارها، من الأساس، شكلاً من أشكال الفن أو امتداداً له.

تلك الأفلام، كان من بينها فيلم «اهتياج»، على سبيل المثال، الذي تحولت فيه الحيوانات إلى أحجام شاهقة خرافية، وفيلم «ناطحة سَحاب» الذي فيه أطول برج تجاري في العالم، وكلاهما من بطولة نجم الغفلة «دوين جونسون». وهو ضخم أيضاً.

الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل تسرب هاجس «التضخيم» هذا إلى شخصية بحجم «الرجل النَملة» الذي لا يتماشى مع فلسفة تصميم شَخصيته مبدأ «التَضخيم»، إلا أن ما شهدناه في فيلمه الأخير هو استهلاك مساحة كبيرة من زمن عرضه وهو بحجم الديناصور!. ويبدو، أن هنالك عِبرة واحدة يمكن أن نخرج بها من هذا الكم الهائل من الأحجام والأسنان الكبيرة؛ تفيد بأن مع كلّ تَضخيم يحدث في حَجم تلك الأفلام، يصاحبه، بطبيعة الأحوال، تقليص في عقول القائمين عليها، ومن بعدهم الجمهور، بالتأكيد.



يحكي الفيلم قِصة الغواص البحري «جونز تايلر» الذي يُعاني من إضطرابات جَسدية تبعاً لعوامل الضغط الجوي الذي يَصحبه أثناء غوصه إلى أعماق البحر الكبيرة، والذي قاده في يومٍ من الأيام إلى التخلي عن مجموعة من زملائه أثناء قيامه بإنقاذهم من سمكة قرش كبيرة، ليتقاعد مِن بعدها ويعتزل عالم البِحار ليتوجه إلى «تايلاند». إلا أنه ، وبعد فترة من الزمن، يطلب مساعدته مجموعة من الأصدقاء القدامى والذي عملوا معه سابقاً من أجل إنقاذ طاقم استكشاف عالق بين مضيق بحري، وأحد أفراد هذا الطاقم هو حبيبته السابقة، فيذهب «جونز» بعاطفته داخل مجموعة من المخاطر بين أجسام أسماك القِرش الضخمة؛ في سبيل إنقاذ الجميع.



وكما هي العادة، الكثير من المتاعب تواجه عَملية الإنقاذ؛ بحيث لا يسري كلّ شيء ضمن الخطة، وهذا مقرون بعِدة عوامل تنشأ من توليفة جاهزة لا يُمكن لصُناع هذه الأفلام - المتعلقة برُعب البَحار والتهديدات المستمرة من قبل كائناته - من أن يستغنوا عنها. مِنها وجود شَخصيات هامشية بوفرة والتي يستخدمها السَرد «كبشاً للفداء» في سبيل استمرارية التشويق مع الإبقاء على نِصاب الخسائر ضمن المعدّل المسموح، فضلاً عن اللجوء إلى اتخاذ قرارات غبية ومندفعة بسذاجة أصحابها تعمل على خلق مفارقة تهدم روح المَنطق وتقطع دابر الحكمة من سياق العَمل. الأمر الذي يستهلك بدوره المزيد من مخزون الشخصيات الثانوية السابقة والمعروف مَصيرها مسبقاً بالتأكيد، ناهيك عن البَطل الخارق الذي يمتاز بخصائص «سوبرمانية»، لا يُضارعها قدرات أحدٍ من البشر حوله، ويُجابه بها هجمات الكائنات من حوله بقلبٍ جامد ويدٍ من «تيتانيوم»!، ويحافظ على مَسافة آمنة بينه وبينها؛ بحيث كلما اقتربت مِنه وتصبح على وشك التهامه يتدخّل «المدد الإلهي» الذي يُبطل تلك الهَجمة مساعيها، وكل ذلك يحدث؛ إما بمساعدة حبيبته التي تَدخل من خرم الشاشة دون سابق إنذار، أو إسقاط شيء على «نافوخ» سمكة القِرش ليودعها في غيبوبة طويلة. وبأفضل الأحوال، يتعزز دور هذه المفارقات نحو لجوء السمكة (بذكاءها طبعاً) إلى تحويل مسارها من البطل إلى شخصية أخرى هامشية - حان وقت التخلي عنها - فتلتهمها على أضعاف المسافة التي كانت تفصلها عن البَطل الخارق! .


في خضمّ تلك الأحداث المتوالية نتعرف بشكلٍ عابر على شَخصيات عِدة؛ منها الرجل الثري صاحب الحملة الاستكشافية الذي أداه الممثل «رين ويلسون» بدور «موريس» الذي لا تَختلف جذوره عن باقي الأثرياء في الأفلام؛ الذين لا يُهمّهم سوى جَمع الأموال وإختبار الإثارة، حتى ولو كان على حِساب الأرواح، بالإضافة إلى العَلاقة الرومانسية التي تَنشأ بين البطل وعالمة البحار «سوين» التي أدتها الممثلة الصينية «برينغ بينغ لي» بكمالية لا يبتعد عَنها التَصنّع كما هي عَلاقة الحب الواهية التي تَجمعها مع البَطل أو كحال ابنتها الصَغيرة، التي لا بُدّ من حضورها بدور الطفلة الذَكية التي تُضفي بضعاً من اللطافة لأجواء الخطر، وهذا لا يُمكن إنتزاعه من الاعتبار لما ستضفيه من شَرعية على علاقة والدتها بالبطل وتكوينهم عائلة سعيدة في نهاية الفيلم؛ كما هو الأمر عند كثيرٍ من «الميلودراميات» المعلّبة التي شهدناها في السينما.


جميع تِلك العوامل مفروضة من حيث الضرورة في منح أحداث الفيلم سيرورة طبيعية ؛من أجل شحن مواقفه باستمرار، ولخلق إيقاع فيلمي يمتد بزمنه إلى الساعتين من العمر، حتى ولو كانت دون ضرورة درامية!، فعندما نذهب لمُشاهدة هذا النوع من الأفلام فإننا نسعى في المَقام الأول إلى رؤية أسماك القِرش وهي تلتهم الأخضر واليابس والبَشر والحجر على حدٍ سواء. لكن حتى هذا المبتغى يتأخر في تقديمه الفيلم لما يقارب النصف ساعة على بِدايته؛ إزاء محاولاته البائسة من تأسيس خطر حقيقي يخلق تهديداً تجاه شخصياته. إلا أن ما لا يفهمه الفيلم أننا جميعنا نَعلم ماذا سيحدث وكيف سيحدث وماذا سوف يُقال وكيف سيُقال، المُهم لدينا هو مناظر الدِماء (مصنف للصغار بالمناسبة!) وأسنان سمكة القرش الفتّاكة وهي تخترق الشاشة من شِدّتها، والتي عِندما تَضرب فإنها تمنح الفيلم بعض الحسنات، رغم وفرة السلبيات! . فعندما تبدأ أسماك القِرش في الهجوم من مسافة قَريبة من المتفرج، يصحبها، بطبيعة الحال، رهبة كبير لا يمكن إنكارها، وبالتحديد، عندما يشاهدها بواسطة عدسة «ثلاثية الأبعاد/3D » وعلى شاشة بحجم الـ «آي ماكس/ IMAX». إلا أن هذه المواقف، بأفضل الأحوال، لا تَصُمد سوى في مشهدٍ أو مشهدين، وما تبقى من زمن الفيلم عبارة عن سلسلة متعاقبة من مشاهد رديئة في التوليف؛ لا تسر النظر ولا ترضي البال.


لا يمكن إنكار حجم الكاريزما التي يضخّها ممثل بحجم «جيسون ستيثام» وتعزفك عن متابعة وترقب أحدث أفلامه! ، إلا أن حضوره هنا ليس بالشيء الذي يُذكر، كما كان عليه بالسابق، بل يعزز من نظرية وجوده كأداةً تَسويقية لفيلم بلاستيكيّ الصَنعة، وفي أفضل الأحوال تتساوى إيراداته مع إيرادات «البوب كورن» و «الأطعمة الجاهزة» داخل دور عَرضه!.

يرجح السبب إلى أن مساهمته، بالنسبة إلى رجل حركة ومخاطر، متوارية خلف ستارة المؤثرات البَصرية، والتي تقيّد من مساحة الاشتغال في ما يَبرع فيه أو يحب الناس رؤيته من خلاله، فهنا لا يتمكّن من منح جمهوره نشوة مشاهدته وهو يركل سمكة القِرش على قفاها مثلاً، أو يتبادل معها اللكمات وضربات السكاكين مع العُصي!، فهذا كلّه لم يكن من اختصاصه بل كان من اختصاص الطاقم البَصري على أجهزة الحواسيب من خَلفه، ودوره كان محصوراً في إجلاء التعابير على وجهه وكامل جَسده كما لو كَان في ميدانٍ حقيقي، ولكن حتى في ذلك يفشل؛ لأن الحيّز الذي يؤمه المَكان محدود للغاية، ولا يَسمح بالكثيرٍ من الإثارة؛ إزاء رؤية جَسده وهو يَتراقص كما عوّدنا سابقاً، بحيث لا يضفي بدوره روح المنافسة والزخَم كما كان من الممكن أن يَنجح فيه ممثل عملاق البُنية، اعتدنا مشاهدته وهو يُصارع الوحوش من بيئته، مثل: «دوين جونسون».


الجميع يهوي في هذا الفيلم؛ سواء كان على مستوى التمثيل أو مستوى الإدارة الكليّة، وهذا بالطبع عائدٌ لحجم الرِهان الذي يضعه صُنّاعه، ومن بعدهم المشاهدين في الذهاب من أجله. إلا انه وفي النهاية، يُعد فيلم «سمكة القرش الكبيرة» فيلماً صَيفياً لعُشّاق السِباحة والمياه ورؤية أسماك القرش وهي تهدد تلك المتعة، بالاضافة إلى الذين يَسعدون لرؤية الممثل «جيسون ستاثام» وهو خالعٌ لملابسه وبارزاً كامل عضلات جسده المنحوته وهو يتصدّى لكلّ ذلك، والذي يتنامى تدريجياً مع أصوات لعق «البوبكورن» وسماع خرخشاته دون الالتفات لما يتابعونه من هراء وابتذال.

تحياتي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.