" دراما مُهمشة لفيلم يحمل تاريخ إسمه " ..
Solo: A Star Wars Story 2018 - سولو : قصة حرب النجوم
• إخراج : " رون هاورد "
• التصنيف : أكشن - فانتازيا - مغامرات
• حالة المراجعة : بدون حرق
• الكاتب : ليث التميمي
• التقييم الشخصي : ½★★
فِكرة أن يقوم ممثل بإنتزاع محلّ « هاريسون فورد » من أجل تأدية دور « هان سولو » هي في حد ذاتها مدعاة إلى القلق . الأمر يختلف في تناوله من حيث المقارنة مع شخصية « فيتو كورليوني » في « العراب » مثلاً ، التي أداها « براندو » و « دينيرو » خلال مراحل عُمرية متباعدة . فعلى الرغم من تأديتهما للدور ذاته ، إلا أن الأخير قام بتجسّيد مرحلة مُبكرة جداً في حياة « فيتو » بعيدة كلّ البُعد عن تلك التي أّدّاها الأول في كهولته . الأمر لا ينطبق مع « هان سولو » ، حتى وإن تشابه من بعيد ، كون أن « هاريسون فورد » قام بتجسيد المرحلتين بواسطة حضوره الشخصي دون فواصل إستراحة كادت أن تخلق حالة من الفتور جراء تبديل الممثل . كذلك أن الشخصية ، بعد أن ضحّى بها صُناع السلسلة في فيلم « نهوض القُوة » ، أضحت الآن بحاجة إلى عودة أسطورية تُعوّض ما فقدناه بتلك المجازفة الرعناء وتليق بإرث الشخصية وتحترم عالمها السينمائي الذي بناه الأب الروحي « جورج لوكاس » وأسس لمرافقه على قدمٍ وساق طوال تاريخه .
القلق ذاته تبدد وتسرب مؤخراً إلى شكوك طويلة مسّت بصورة العمل النهائية بعد أن تم الوقوع على إختيار « رون هاورد » مُخرجاً للفيلم ، ليس لأنه مُخرج فقدَ لمساته الفنية في أفلامه الأخيرة ( «إندفاع 2013 » ، إستثناء؟) ، وإنما من منوال أن الفيلم أيضاً عبارة عن نسخة مرمّمة قام بإستلامها وأعاد تصوير أغلب مشاهدها بعد أن قامت شركة « ديزني » بطرد مُخرجيه السابقين : « فيل لورد » و « كريس ميلّر » ، على خلفية خلافات إبداعية وفنية ومشاكل في جدولة زمن التصوير . جميع تلك المخاوف تُصاحبك وأنت مُقبل على مُشاهدة عمل حساس ويتحدث عن شخصية حساسة مثل « هان سولو » .فما الجديد الذي يُمكن تقديمه هنا عن الذي شاهدناه في السابق ؟.
أحداث الفيلم تعود بالزمن إلى الوراء مُطلّة على حياة « هان سولو » ، عندما كان يعيش شبابه على كوكب نائي ومستعبَد من قِبل المحتلّين يدعى « كوريليا » . « سولو » يحلم بالفرار من ظروفه المعيشية الكئيبة المليئة بسياسة الإفقار من أجل أن يصبح أفضل طيار في المجرة ، إلى جانب حب حياته « كيرا » ( إيميليا كلارك ) ، اللذان يحاولا بشتى الطرق من أن يهربا من ذلك الكوكب المظلم ، لينجح « سولو » بعد حينٍ بالفرار على غرار « كيرا » التي تقع في قيد الأسر ، فتقود الأحداث بعدها إلى تحالف يقوم به « سولو » مع عصابة من اللصوص والمرتزقة والخارجين عن القانون بقيادة « باكيت » ( وودي هاريلسون ) وحبيبته « فال » ( تاندي نيوتن) ، من أجل إنقاذ حبيبته ، ليدخلوا دوامة من الصراعات المليئة بالأكشن والمطاردة ، تقود « سولو » إلى تعرّفه على أصدقاء جُدد ، كان من بينهم صديقه الأزلي « تشيوباكا » .
" الحِكاية .. لباس ليس على القِياس "
« سولو : قصة حرب النجوم » - سُخرية العُنوان بحذف كلمة « هان » وإختصاره بـ « سولو » التي تعني « وحيد » ، وحدها رسالة ربانية تفضي بأنه فيلم لا يمت إلى باقي أفلام السلسلة بصِلة - يعاني من مُشكلتان لا ثالث لهما ، والحديث هُنا ليس على سبيل الحصر بقدر ماهو وصف لضخامة تلك المشاكل . فالأولى تتعلق بعجز داخل الدراما الذي كان كالشعرة التي قسمت ظهر البعير، بين إستعداداتنا لتلقي حِكاية تليق بالشخصية المذكورة أعلاه من جِهة وبين ما شهدناه على الشاشة من جهة أخرى ، وتحديداً عندما نكون أمام عمل لا يُحدد أولوياته بجدية كبرى ولا شغف يهوى صُناعه ، بل ينطلق نحو مداعبة رخيصة مع مشاهد أكشن كثيرة ( مزعج غالبها ) قامت بنزع حق الرواية في الكشف عن مناطق مخفية في حياة « سولو » فلا تخرج عن تلك التي عهدنها مع الأفلام السابقة ( في أبسط الأحول إستطعنا تأويلها دون الحاجة إلى فيلم ! ) ، هذا من جهة . أما من جهة أخرى ، فإن مُحاولاته في فرض دراميات مؤثرة ، صوب النهاية بالتحديد ، قد بائت بالفشل . ذلك أنها قدِمت على شكل فواصل درامية فقيرة طوال عرضه ، منعت من تشكيل رأي جدي حولها أو حتى النظر إليها بعينين مفتوحتين ، وخصوصاً بأنها كانت عبارة عن دقائق زهيدة بالنسبة لفيلم يمتد بزمنه نحو الساعتين وربع ! ، وكأنها نقاط صغيرة تقع داخل حلقة من العبث الكبير . وإذا ما رجعنا للأساس فنجدها وسيلة شاذة في إستقبال دراما الفيلم وحيلة رخيصة في إحالته ، تجعله منزوع الواقعية وفاتر التأثير ( كالذي يأكل على عجلة ليلحق موعده ) . أمثلة كثيرة كانت حاضرة مع فيلم « سولو » هذا ، كان بدايتها التسرّع الملحوظ في تقديم الحِكاية دون تطورها إلى مستوى واضح المعالم أو ثابت الأساسات أو يجعلنا نفهم الطبيعة التي قادت « هان سولو » إلى ماهو عليه الآن ، وإستعاض عنها بعامل القفزة الدرامية التيي لا تنشغل بالتفصيل بل تُقدم النتيجة كما هي جاهزة ( تحصيل حاصل ) ، وكلّ ذلك من أجل أن يُحصّل القدر الأكبر من الأكشن والمؤثرات البصرية . لكن حتى هُنا ، تحديداً ، لا نتعامل مع لمسة شيطانية أو شر محوري ، كما الأفلام السابقة ، يُغذي الحبكة الرئيسية بالإثارة والترقب أو يعود على الاكشن السابق بوارد إهتمام من قبل المُتفرج - الفيلم وكأنه ينتظر منك تأويل الحدث وسد ثغراته ! . كذلك وضع شخصيات عديدة تحت المِجهر دون إطار يسعها ، يكثر حضورها ويكثر هراءها ، يودي بنتيجة طبيعية إلى إكثار تقلّبها وعبثها ، وثلثه الأخير خير مثال ، عندما حاول المزاودة على ركاكة شخصياته بإضفاء عُنصر الصدمة في تبدلّ القرارات والمواقف ، كان من بينهم الموالين لـ « سولو » : أصدقاءه وأحباءه . الأمر أيضاً لا يتوقف هنا فحسب بل عندما حاول الكُتاب أيضاً من أن يضيفوا توابل ظلامية لشخصية محورية ( لن نحرق المشهد ) ، الأمر الذي زاد من تخمته - رُبما من أجل عمل فيلم قادم يشرح الدوافع والأسباب ( سُخرية ! ) . كلّ ذلك أتى نتيجة تسارع لحظي للأحداث ، مما أودى بالفيلم إلى ضجره جراء نسف قاعدة التلقي والتمهيد نحو إستقبال المتفرج لتلك الصدمات المنهالة على رأسه .
المُشكلة الثانية تأتي من خارج الدراما ، لكن تعكس تأثيرها عليها ، ألا وهي فريق التمثيل . « آلدين إيرنريش » يُجسّد « هان سولو» كما هو على الورق (لا شك ! ) ، يسعى بإستماته نحو تحقيق ماهو مكتوب إلى ماهو مرئي ومحسوس ، فينجح في البعض لا في الكلّ . « هاريسون فورد » كان يحمل تقاطيع وجه تحمل تعابير الإجرام مع التهكم والإزدراء ، لكن دون غياب تلك النظرة البريئة المستشرية لما بقي له من أخلاق بطولية صنعت جاذبيته المعهودة ، على عكس « آلدين » الذي يفتقد لكل ما ذكره لساننا وكان صاحب حضور ذو بعد واحد ( شكلي ) . أما مابقي من ممثلين ، فيأتي على الجانب المُضيء شخصية « لا ندو كليرسان » الذي أداه برفاهية ( دونالد غلوفر ) ليُبقي موازين والاهتمام راجحة وقيد الاشتغال مع علاقته بـ « سولو » التي يتخللها أيضاً كيميائية جميلة أضافت روح الفُكاهة والمرح إلى أجواء الفيلم , على عكس باقي المُمثلين والذي أدّوا أدوارهم بكمالية لا يفتقدها التكلّف في بعض الأحيان ، أمثال « وودي هاريلسون » الذي لا أعلم سبب وُجوده هُنا أصلاً ، مع « إيميليا كلارك » التي وكأنها قادمة من تصوير مسلسل « صراع العروش » وقرأت السيناريو على عجلة .
لا أعتبر نفسي من المتيمين ( المهاويس ) في هذه السلسة ، لكنني على الجهة المُقابلة أجدها أفلام ممتعة وجديرة بالإهتمام والمتابعة ، وبالتحديد عند النظر إلى تاريخها الحافل بالنجاحات وإرثها المسحوب من بهرجة الشخصيات والأحداث والمضامين التي تتخللها وتصنع رونقها الخاص والمستقل عن أي سلسلة أفلام أخرى . لكن هذا الفيلم ، رغم إشتغاله على شكليات السلسة من موسيقى وأزياء ومواقع تصوير ، إلا أنه يفتقد إلى الكثير من تلك المضامين الجمالية التي تميّزت بها من حيث القصّ والتروّي في تصاعد الأحداث وتأجيج صراعاتها ، وينصرف نحو الإنشغال بالزخرفات الخاوي داخلها ، والتي لا يُحجّمها سقف شخصيات ممتعة ولا حتى مظلّية أحداث مُسليّة - كأقل تقدير .
فيلم « سولو : قصة حرب النجوم » ليس بالفيلم السيء ، لأن مُخرجه يعلم مايريد تنفيذه وكيفما يخرج على الشاشة ويُحاول قدر الإمكان من جعله مُتماسك (إلى حدٍ ما) . ولا يقرب إلى مُستوى الإجادة ، لأن أهدافه تجارية بحتة لا يتخللها رؤية فنية تُذكر . لكنه يبقى مابين بين إذا علمت ما تُريده منه وقمت بتخفيض مُستوى توقعاتك ، فهو كفيل في تحقيق غايته ; من أكشن وحركة ودمار ومطاردات مُكثّفة على طول زمن عرضه . لكن يبقى هُنالك سقف دائم لكل شيء ، إذا ما تجاوزه يُصبح الأمر خارج عن السيطرة ، وفي حال فيلمنا هذا التجاوز جعل منه ينحدر من الإثارة إلى الملل ، كما هي أول عشرين دقيقة منه عندما كان الموضوع جذاباً ، لكن مع إنقضاء الوقت أصبح الحال أقرب إلى العبثية المنفّرة .
تحياتي
القلق ذاته تبدد وتسرب مؤخراً إلى شكوك طويلة مسّت بصورة العمل النهائية بعد أن تم الوقوع على إختيار « رون هاورد » مُخرجاً للفيلم ، ليس لأنه مُخرج فقدَ لمساته الفنية في أفلامه الأخيرة ( «إندفاع 2013 » ، إستثناء؟) ، وإنما من منوال أن الفيلم أيضاً عبارة عن نسخة مرمّمة قام بإستلامها وأعاد تصوير أغلب مشاهدها بعد أن قامت شركة « ديزني » بطرد مُخرجيه السابقين : « فيل لورد » و « كريس ميلّر » ، على خلفية خلافات إبداعية وفنية ومشاكل في جدولة زمن التصوير . جميع تلك المخاوف تُصاحبك وأنت مُقبل على مُشاهدة عمل حساس ويتحدث عن شخصية حساسة مثل « هان سولو » .فما الجديد الذي يُمكن تقديمه هنا عن الذي شاهدناه في السابق ؟.
أحداث الفيلم تعود بالزمن إلى الوراء مُطلّة على حياة « هان سولو » ، عندما كان يعيش شبابه على كوكب نائي ومستعبَد من قِبل المحتلّين يدعى « كوريليا » . « سولو » يحلم بالفرار من ظروفه المعيشية الكئيبة المليئة بسياسة الإفقار من أجل أن يصبح أفضل طيار في المجرة ، إلى جانب حب حياته « كيرا » ( إيميليا كلارك ) ، اللذان يحاولا بشتى الطرق من أن يهربا من ذلك الكوكب المظلم ، لينجح « سولو » بعد حينٍ بالفرار على غرار « كيرا » التي تقع في قيد الأسر ، فتقود الأحداث بعدها إلى تحالف يقوم به « سولو » مع عصابة من اللصوص والمرتزقة والخارجين عن القانون بقيادة « باكيت » ( وودي هاريلسون ) وحبيبته « فال » ( تاندي نيوتن) ، من أجل إنقاذ حبيبته ، ليدخلوا دوامة من الصراعات المليئة بالأكشن والمطاردة ، تقود « سولو » إلى تعرّفه على أصدقاء جُدد ، كان من بينهم صديقه الأزلي « تشيوباكا » .
" الحِكاية .. لباس ليس على القِياس "
المُشكلة الثانية تأتي من خارج الدراما ، لكن تعكس تأثيرها عليها ، ألا وهي فريق التمثيل . « آلدين إيرنريش » يُجسّد « هان سولو» كما هو على الورق (لا شك ! ) ، يسعى بإستماته نحو تحقيق ماهو مكتوب إلى ماهو مرئي ومحسوس ، فينجح في البعض لا في الكلّ . « هاريسون فورد » كان يحمل تقاطيع وجه تحمل تعابير الإجرام مع التهكم والإزدراء ، لكن دون غياب تلك النظرة البريئة المستشرية لما بقي له من أخلاق بطولية صنعت جاذبيته المعهودة ، على عكس « آلدين » الذي يفتقد لكل ما ذكره لساننا وكان صاحب حضور ذو بعد واحد ( شكلي ) . أما مابقي من ممثلين ، فيأتي على الجانب المُضيء شخصية « لا ندو كليرسان » الذي أداه برفاهية ( دونالد غلوفر ) ليُبقي موازين والاهتمام راجحة وقيد الاشتغال مع علاقته بـ « سولو » التي يتخللها أيضاً كيميائية جميلة أضافت روح الفُكاهة والمرح إلى أجواء الفيلم , على عكس باقي المُمثلين والذي أدّوا أدوارهم بكمالية لا يفتقدها التكلّف في بعض الأحيان ، أمثال « وودي هاريلسون » الذي لا أعلم سبب وُجوده هُنا أصلاً ، مع « إيميليا كلارك » التي وكأنها قادمة من تصوير مسلسل « صراع العروش » وقرأت السيناريو على عجلة .
لا أعتبر نفسي من المتيمين ( المهاويس ) في هذه السلسة ، لكنني على الجهة المُقابلة أجدها أفلام ممتعة وجديرة بالإهتمام والمتابعة ، وبالتحديد عند النظر إلى تاريخها الحافل بالنجاحات وإرثها المسحوب من بهرجة الشخصيات والأحداث والمضامين التي تتخللها وتصنع رونقها الخاص والمستقل عن أي سلسلة أفلام أخرى . لكن هذا الفيلم ، رغم إشتغاله على شكليات السلسة من موسيقى وأزياء ومواقع تصوير ، إلا أنه يفتقد إلى الكثير من تلك المضامين الجمالية التي تميّزت بها من حيث القصّ والتروّي في تصاعد الأحداث وتأجيج صراعاتها ، وينصرف نحو الإنشغال بالزخرفات الخاوي داخلها ، والتي لا يُحجّمها سقف شخصيات ممتعة ولا حتى مظلّية أحداث مُسليّة - كأقل تقدير .
فيلم « سولو : قصة حرب النجوم » ليس بالفيلم السيء ، لأن مُخرجه يعلم مايريد تنفيذه وكيفما يخرج على الشاشة ويُحاول قدر الإمكان من جعله مُتماسك (إلى حدٍ ما) . ولا يقرب إلى مُستوى الإجادة ، لأن أهدافه تجارية بحتة لا يتخللها رؤية فنية تُذكر . لكنه يبقى مابين بين إذا علمت ما تُريده منه وقمت بتخفيض مُستوى توقعاتك ، فهو كفيل في تحقيق غايته ; من أكشن وحركة ودمار ومطاردات مُكثّفة على طول زمن عرضه . لكن يبقى هُنالك سقف دائم لكل شيء ، إذا ما تجاوزه يُصبح الأمر خارج عن السيطرة ، وفي حال فيلمنا هذا التجاوز جعل منه ينحدر من الإثارة إلى الملل ، كما هي أول عشرين دقيقة منه عندما كان الموضوع جذاباً ، لكن مع إنقضاء الوقت أصبح الحال أقرب إلى العبثية المنفّرة .
تحياتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.