الجمعة، 18 مايو 2018

مراجعة فيلم Deadpool 2 2018


" الأخرق الخارق ذو اللسان السليط - الجزء الثاني ! "
..

Deadpool 2 2018 - ديدبول 2

•  إخراج : " ديفيد ليتش "
•  التصنيف :  أكشن - إثارة - مغامرات
•  حالة المراجعة  :   بدون حرق
•  الكاتب  : ليث التميمي
•  التقييم الشخصي★★★★


« ديدبول 2 » ، وكما هو عُنوانه ، عبارة عن جزء ثانٍ يعود من جديد برفقة الأحمق اللعين " ديدبول " ، والمحسوبِ ، تجاوزاً ، على قائمة «الأبطال الخارقين» ، لكنه أنه في الحقيقة لا يخرج عن كونه من « المعاتيه الخارقين » - في إعتراف سابق له صرَح قائلاً : " حسناً، قد أكون خارقاً ..لكنني لست بطلاً " . يعود من جديد واعداً ما حققه الجزء الماضي من نجاحات عريضة ، على المُستويات النقدية والتجارية ، ومحققاً بآخر ، ينتمي إلى وجهة النظر نفسها ، بمساعدة مُخرجه الحديث " ديفيد ليتش " ، إنجازات موازية وطموحات عالية تنتهي إلى تحقيق سلسلة قادمة على الطريق . ليفي الفيلم بوعده ويلَبي النداء لجماهيره الطويلة ويقدم  عملاً آخر يمتاز بجاذبية وقوة حضور في الكوميديا والدموية ، ويلتزم بجماليات الصورة عند " تيم ميلر " في إخراجه للفيلم السابق .

الكثير من " ديدبول " والقليل من " وايد ويلسون " يستثمر الفيلم عناوين حِكايته ، منذ إنقطاعها أيام الجزء السابق ، ويُكمل أحداثه في الفترة اللاحقة . لنرى " ديدبول " ، وبعد رضوخ تام لمآلاته الصحية وحياته العاطفية الراهنة ، يحقق الهدف والغاية النبيلة من تحويله إلى هذا النوع من البشر ، فنراه كل ليلة يُحقق القصاص من المجرمين بين أوساط العصابات
«جون ويك ستايل» ، ومن ثم يعود إلى أحضان حبيبته " فانيسا " عاقداً النصر على عالم الجريمة الذي وُلد به قاتلاً مأجوراً وإنتهى به مُشوهاً بغيضاً . لتقوده الأحداث فيما بعد إلى تشكيله فريق مُحايد جنسياً يحمل إسم « القوة إكس » - رداً على عُنصرية العنوان في «الرجال إكس» !، الذي يقوم بجمعه من كل صوبٍ وحدب من أجل حماية طفلٍ « مُتحوَل » يُدعى " راسل " من أيدي رجل « متجوَل زمنياً » يُدعى " كايبل " . فيذهب هو وأترابه ، بعد إفتتاحية رهيبة كما هي إفتتاحيات أفلام «جيمس بوند » مع أغنية «رماد » للمغنية " سيلين ديون " ، داخل مغامرات شديدة الخطورة والدموية مع الكثير من الكوميديا الهزلية في سبيل إنقاذ الطفل وتوفير الحماية اللازمة له .


" مغريات جديدة تهوى اللعب على مستويات أجدد "

يقتسم الفيلم مراحل نموه بين عدة مناطق يشحن من خلالها أحداثه المركبة ، كلَ واحدة تنطوي على حبكة فرعية تُغذي الرئيسية بتحولات وقرارات مُتجددة تزيد من زمن الحِكاية وتوسع من دائرة الصراع ، ما إذا أخذنا بعين الاعتبار أننا أمام فيلم أضخم إنتاجياً عن ما سبقه ، بسيناريو شارك في كتابته خمسة كُتاب مجتمعين ، كان من بينهم " رايان رينولدز " نفسه ، من حيث إستثماره لخطوط درامية متشعبة أكثر وتبديد زمنه بالانشغال «البوبكورني » في الأكشن والحركة ، بالاضافة إلى إستخدام تلك الخيوط من أجل تحقيق أجزاء مُستقبلية في حال إستمرار النجاح المطلوب من السلسلة . يضع العمل نفسه أمام مُغريات كثيرة في تكثيف أدواته السردية والبصرية ، من شخصيات جديدة ومنعطفات درامية عديدة وتوظيف الكوميديا مع الدموية المعهودة على صعيدٍ أكبر (غالبها ينجح) ويحمل تأويلات لوجهات نظر مستقبلية للحِكاية ، لكن مع إبقاء الرهانات شخصية بالنسبة لـ " ديدبول " ومحصورة داخل نطاق صراعاته المحدودة وخصومه المتواضعين ، والذين يحيدون عن أي خطر يُهدد العالم كماهي العادة عند أفلام نظيرة في أجزاءها اللاحقة عندما تُحاول تضخيم الخصم أمام البطل وتُمسي رقعة الخطر التي يطؤها تناط العالم بأسره . كلَ ذلك ساعد بدوره من إرتفاع منسوب القيمة الترفيهية للعمل ، بشكل لا يطغى عليه الملل أو النفور من إستغلال الفوضى المصقولة على الشاشة . لكن المشكلة في الفيلم تكمن بأنه مهما كان التكثيف والتغيير المُستمر لقرارات الرواية وحبكاتها الفرعية مفيداً ، وبإستخدام عوامل الصدمة في كلَ تحول ينتج عنه سيرورة في الأحداث وتطورها ، إلا أنه يجعل من تلقيه صعب الإقناع او صعب الهضم لسرعة وقوعه وتدافعه الجاف دون ممهدات كثيرة تضعنا أمام عمل يؤسس بقوة لقواعده الدرامية لذلك وجدناه ضعيفاً من هذه الناحية . لكن على المدى البعيد ، وبالنظر إليه كرزمة واحدة ، ينجح الفيلم من إقناعك ، ومع ثلثه الأخير الذي يحمل وتيرة تصاعدية في الكوميديا والدراما والأكشن ، يربح رهاناً كان قد وضعه على الطاولة منذ أيامه الأولى في حملاته التسويقيه .

ولأن الفيلم من إخراج " ديفيد ليتش " الذي عهدناه مع فيلم الأكشن الشهير «جون ويك » بجزءه الأول وفيلم آخر يُدعى «الشقراء الذرية» ، فإنه لا يوفر «أونصة» واحدة من مهاراته التي إكتسبها طوال مسيرته في الإخراج وإدارته لفريق المخاطرة في أفلام عديدة ، ويوظف كامل قدراته المحمومة الجوانب في خلق تتابعات حركية ودموية مليئة بالإثارة وحرارة التفاعل يُغلفها جدار من الفكاهة والضحك ، ناهيك عن إستثماره للبيئة التصويرية التي شهدها مع فيلم  «الشقراء الذرية » من حيث تصدي الأخيرة لأفعال القتل والهجوم بصورة توَسع الصراع على إطار الشاشة وبعدسة شاملة تعتمد الحضور العضوي لأفعال القتل والذبح وتراقص الجثث ومن ثم تطايرها ، بالاضافة إلى تكتيكات القطع والوصل في «المونتاج» ، التي زادت من وقعة التلقي وحدة التأثير ورفعت من مستوى التشويق إلى قمة الهرم . جميعها أدت إلى دموية تجعل من الفيلم الأول يبدو وكأنه «نكاشة أسنان» أمام الفيلم الثاني ، ليستكمل " ديفيد ليتش " بدوره أسلوب " تيم الميلر " السابق ويُضيف عليه لمسات سحرية ، تضعه في مرتبة مُتقدمة أمام مُخرجي سينما الأكشن والحركة الواعدين .


" لسانٌ لا ينضب في حلق رجلٍ لا يهدىء "

يستمتع «ديدبول 2» بإستقطاب وجوه جديدة تُشاركه رقصة العته والسخافة التي زاولها منذ عامين على ولادة طفرته ، كان آخرها توظيف ممثل بحجم " جوش برولين " في دور " كايبل " ليشاركه مهرجان الضحك ذاته ، والذي أضاف بدوره كيميائية وطيدة مع " ديدبول " ورفع من مستوى الحِكاية إلى جدية أكبر . ولأن " ديدبول " ، بطبيعة الحال ، من نوعية الأشخاص الذين لا نأخذهم بعين الإعتبار أو حتى بجدية أكثر من اللازم وأقل من المتوقع ، فإن مشوار الرحلة معه لا يكتمل دونما إستمرار في عمل نِكاته الساخرة على مُقدَرات وأسماء وعنواين برَاقة من أفلام إلى ممثلين وأسماء شعبوية مرموقة - هنالك مشهد لم استطع من تمالك نفسي حتى خرَت مفاصلي من الضحك  يُخاطب من خلاله " ديدبول " " جوش برولين " على أساس شخصيته الأخيرة " ثانوس " في فيلم " المنتقمون "  - فلا يلجم لسانه إلى حلقه من أن يشارك أحاديثه أيضاً مع الجمهور بتكسيره «الجدار الرابع» أمامهم وتناوله الأخطار والأفكار معهم دون أيَ وسيط درامي .



 كثير ما أعتقد أن هذا الفيلم فوق النقد وفوق أي إنتقاد ، ذلك أنه من نوعية الأفلام التي تنتقد نفسها ومن هم حولها في الوقت ذاته ، دون الحاجة لأبواق خارجية تعسَيه ، وبسخرية لاذعة حد الألم ، ينطلق باستمرار نحو تسخيف وتتفيه المسميات العريضة والأخلاقيات الكامنة داخلها . فما الذي تنتظره من فيلم ينتقد نفسه بأنه " كسول في الكتابة " و " إنتاجه محدود الميزانية " و" مخرجه قتل كلب جون ويك " و بطله " داعب المخرج من أجل الحصول على الدور " وأن ما نلقاه أمامنا ماهو إلا " خدع بصرية " ؟!! . أجد أن  " ديدبول " لم يُتح لنا الكثير من أجل الحُكم على شخصه ، لأنه في نهاية المطاف لاينتمي إلى هذا العالم الأخلاقي الذي يقطنه الأبطال الآخرين - في مشهد صوب النهاية يقوم " ديدبول " بتكسير مجاديف «الكليشيه» المُعتادة . فحاجاته مُلحة وغرائزه بدائية ، لا تخرج عن تعاطيه المستمر للكحول وممارسته الحب مع عشيقته وقضاءه الأوقات في التهريج وترصد أهدافه من أجل الحصول على بضعة دولارات ، دون إكتراث إلى أن يُحرق هذا العالم أو ينعم بالسلام . وعلى مبدأ « الفخار يكسَر بعضه » الذي يسخر من خلاله بفيلم «المنتقمون» الأخير ، على طول زمن عرضه ، ومن أبطاله الذين يتغنون بهم جمورهم ، كان آخره فيديو دعائي يعمل على تذكيرنا بأن لا ننشغل في الفيلم الأخير وننسى فيلم «ديدبول 2» الجديد . ولأن الحِكمة في مثل هذه المواقف تُسحب أحياناً من أفواه الحمير ، فإن " ديدبول " ، بوعي أو بدونه ، وكأنه يُذكَرنا على أنه البطل الذي نستحقه فعلاً ، لا الذي  نتمناه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.