السبت، 14 أبريل 2018

مراجعة فيلم Rampage 2018

" فيلم هائج كعُنوانه " ..

Rampage - إهتياج

•  إخراج: "  براد بايتون "
•  التصنيف : أكشن - إثارة - مغامرة
•  حالة المراجعة  :   بدون حرق
•  الكاتب  : ليث التميمي
•  التقييم الشخصي :   ★★




من بين جميع الأداءات التمثيلية التي قدمها " دواين جونسون" ، المشهور بـ " ذا روك " ، طوال حياته الفنية ، كان الأداء الوحيد الذي غفر ماسلف وما أعقب من مسيرة هو " جون ماثيوز " والذي لعبه في فيلم " الواشي " سنة 2013 ، عِندما قام بالخروج علينا بشخصية أكثر درامية وأعمق تجسيدياً ، بغض النظر عن قيمته الفنية الكاملة ، من تلك التي أداها طوال حياته وتعاملت معه على أساس " كيس عضلات" مُتحرك ويضرب اللكمات ويرمي السِباب والنِكات وكأنها خارجة من محطة إذاعية ، أما باقي أفلامه فقد كان " جونسون " يعلم ويعلم أننا نعلم ونحن نعلم أنه يعلم بأن الجميع لا يُريد التعامل معه خارج ذلك الكيس ، فأضحى يستمر في عمل الأفلام التي تُناسب مقاس عضلاته ، بإعتباره رجل ضخم مملوء بالمُغذيات والمقويات الجسمانية ذو نظرة حادة تُغرق النساء في ملابسهن من فرط الرجولة والـ"كاريزما" ( المُصطنعة؟) ، وجميعها تسحب رصيدها من نفس  الصرَاف المركزي ، كان آخرها فيلم " إهتياج " والذي لا تتغير تركيبته عن فيلمين أو ثلاثة سابقين  .

تبدأ الحِكاية في الفضاء عِندما نُطل على سفينة فضائية تابعة لشركة تكنولوجية تدعى " إينيرجين" ، مُدمَرة ولم يبقى بها سوى عالمة أحياء ، هي الناجية الوحيدة من تلك المَهمة التي تبحث في نظام تركيبة هرمونية ومعالجة جينياً تطبق على أجساد الفئران ، بعد تمكنها من الهرب تسحب برفقتها الفايروس أو ذلك الهرمون المُلوث ويضرب بدوره الأرض في عِدة مناطق ليستنشقه فيما بعد بعض الحيوانات التي تستهيج منه وتتضاخم بُنيتها الجسدية وتُصبح في حالة من مستعرة تنتهي بقتل وتدمير كل ما هو يصادفها ، في الوقت الذي نتعرف به على " دايفيس أوكايا " وهو جُندي سابق يعمل في محمية حيوانات الشبه مُنقرضة ، يقوم بصيدها وإنقاذها من أيدي السفاحين وتُجار الحيوانات ، كان من بين تِلك الحيوانات الغوريلا الأبيض " جورج " والذي يتميز بعلاقة وطيدة مع " دايفيس " ، يُتقن لغة الإشارة والإيحاءات الجسدية ومنها البذيئة (طبعاً ) وكل هذا يعكس بدوره ذكاءه الشديد على باقي أقرانه ،  ومن ثُم نتعرف على الطبيبة " كايت كالدويل " باحثة في علم الحيوان تعمل على دراسة أجنة الحيوانات وسلالاتها الوِراثية ، ليلتقيا في خِضم تلك الأحداث المُهتاجة بإلتقاء المصالح والمواقف ، في التصدي لهجوم الفايروس من جهة ومن مواجهة الأخوين " وايدين " ( مالين أكيرمان و جايك لايسي) اللذان يمتلكا الشركة الآنف ذكرها من جهة أخرى ، وهي الشركة التي تقدم بحوثاً علمية على الحيوان وهي المعنية بتوليد ذلك الفايروس من أجل إخضاع إقتصاد العالم لسيطرتها  عن طريق تقديم العقار المُضاد ، ونتعرف فيما بعد على " هارفي راسيل " ( جيفري مورغان ) والذي يعمل في الإستخبارات المركزية ويهدف إلى الإطاحة بمُخططات " كايت" و"دايفيس" لتعدَيهما حُدود عمله الميدانية والسرية في التصدي للهجوم ، ومن ذلك المنطلق تنطلق الأحداث بين خطوطها المتقاطعة داخل دوامة من الدمار العالمي .




من خلال نظرة مُستوية على أرضية الأحداث نلحظ بأن الفيلم لا يخرج عن أي " بروتوكولات " سابقة قامت بإعتمادها أفلام الـ " بلوك باستر " التي تعمل جاهدة على إضفاء عناصر مُكثِفة للصورة تصل إلى حد العميان وإرهاق النظر في مداعبته ، تلك اللحظة التي يتداعى وميض الصورة نحو القاع وكأنك تلج داخل حُلمٍ عابث وفوضوي ينتهي بسقطة من إرتفاع مُدوي فتصحو بعدها ، وهذا ما كان عليه الفيلم فوضى عارمة تمتد من بِدايته حتى نِهايته ، يظهر ذلك من خلال إستغلال شركة "وارنر بروس" لممثل كـ " دواين جونسون " ( أداة تسويقية)  في تنفيذ سُخرية بصرية تُدرَ القدر الأكبر من المال بواسطة فيلم بلاستيكي الصنعة ، يُمكنك أن تُبصر خُطواته القادمة قبل أن تحدث بل رٌبما تمتلك خُطط أنجح في التقديم . " وارنر بروس "  في فِعلتها هذه لا تختلف كثيراً عن أهداف الأشرار في الفيلم من خلال إحداث الفوضى الأكبر لتعود عليهم بالمال الأكثر . تختلف المُسميات ويبقى الهدف واحد ; واحدٌ في جوف الشاشة وآخر خارجها .


السيناريو الذي قام بكِتابته أربعة كُتاب مجتمعين وكأنهم فِرقة عسكرية لم يستطيعوا من أن يطؤوا خارج ثكناتهم التدريبية أو أحلام يقظتهم في الإنجاز ،  وإستشراف بعض الجرأة في تقديم تحديات ذكية تُبرز جوانب إيجابية أكبر من تلك الغبية والساذجة في تأطير شبكة الأحداث بوصلات مُهترئة ، لا تحمل قيمة جوهرية أو ترفيهية صادقة ، ناهيك عن التبديد والتسويف في حِياكة المشاهد عند إلقاء الحلول ، أذكر مشهد سقوط طائرة يمتد بزمنه إلى الـ3 دقائق والعجيب أنها تسقط سقوط حر عامودياً !! - غير مُعالج كتابةً بالقدر الذي لم يتجنبه إخراجياً - ولا ننسى الحوارات الضعيفة وإن إحتوت على بضع نكات موزعة على فيلم يقرب بزمنه إلى حدود الساعتين !  ، بالإضافة إلى الشخصيات الشريرة مع الخيَرة تلتقي عِند زاوية واحدة يحدها من جانب اللون الأبيض والآخر أسود ، حتى في اللحظات الشاعرية بين " كايت " و " دايفس " لم تخلو من التهريج والتنميط الـ"كاريكاتوري" ، رٌبما الشخصية التي تلونت بلونين هي " هارفي راسيل " ( جيفري مورغان ) وهي شخصية تمتلك كاريزما ، لكن يعصرها إطار ضيَق من السخافة  .


لا عجب من توكيل مهمة إخراج الفيلم إلى " براد بايتون " الذي قام بصُنع أفلام مُوازية : " رحلة 2 : الأرض الغامضة 2012" و " سان آندرياس 2015 " ، وهي من بُطولة " دواين جونسون " أيضاً ، جميعها تتخذ آلية مُشتركة في إدارة الفوضى من جهات مغايرة ، فعلى المُستوى البصري لم يُحقق " براد بايتون " إختلافات مُقدَرة ولا إنجازات تُذكر سوى عمله مع فريق مؤثرات في حدود الميزانية ، تصميمات وحوشهم مُتواضعة لا تقترب من تصميمات " مات ريفز " في سلسلة " نهوض وفجر وحرب القِردة " أو تلك التي إستحدثها " بيتر جاكسون " في فيلمه " كونغ 2005" والذي فاز عنه الأخير بجائزة أفضل مُؤثرات بصرية ، بالنظر إلى فارق ثلاثة عشر عاماً بين الفيلمين من حيث تطور التقنيات التصويرية ، أو حتى بموازاة فيلم سابق قامت " وارنر بروس " بإنتاجه : " كونغ : جزيرة الجماجم " في العام المُنصرم والذي ترشح أيضاً ( لُبس؟ ) لجائزة أفضل مؤثرات بصرية ، بالإضافة إلى اللجوء لتصعيد الأحداث وتسريع وتيرتها لكن في كل تقدم زمني إلى الأمام هنالك إندفاع درامي للخلف .




كم جميل أن نحظى كمشاهدين بأعمال ترفيهية تحترم الوقت المُنقضي في مُشاهدتها ، لكن دون الخروج عن أبجدية أساسية تُسمى الإستمتاع العام في التجربة ، والمُتولد من تفاعل العناصر كاملة مع بعضها البعض ، فنتعامل مع شخصياتها وكأنهم بشر وليسوا مُجرد أرقام أو إحصائية على الشاشة ، فما لمسناه من فيلمنا هُنا هو طفوح الصفة الانسانية بالغوريلا " جون " دون الآخرين من هم محسوبين على الصنف البشري ، وهي مشاحنة تقضي بجوهرها إلى أحقية ما يحصل في ذلك العالم من دمار ، فالحيوانات أصبحت أكثر إنسانية من الإنسان نفسه ! . وعلى ضوء ماسبق ، يُمكن لفيلم " إهتياج " من إجتياح المتفرج في حالات مُحددة ، عند تجاهله للبشر على الشاشة وتجاهل الحوارات وتجاهل الحياة وتجاهل نفسه أيضاً ، فيستسلم إلى المشهد كما يستسلم إلى حلمه ، في هذه اللحظة نضمن له حق الإهتياج في فيلم " الإهتياج " والتفاعل معه ومشاركته أفراحه وأحزانه ورفع صوته عالياً دون أن يلحظه أحد .


تحياتي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.